على بعد حوالي عشر كيلومترات شمال مدينة الداخلة، يسهر تقنيون فلاحيون في وحدة لتربية النعام بمنطقة تاورطة الفلاحية على تحسين الانتاجية بهدف تثمين منتوج هذه الفصيلة من الطيور المجزية على المستوى الاقتصادي والمتعددة المنافع.
ويعيش بهذه الوحدة، وهي الوحيدة في الأقاليم الجنوبية، والثانية من نوعها في المملكة بعد وحدة تربية النعام بتمارة، حوالي 200 من طيور النعام الذي يعمر في العادة ما بين 60 و70 سنة، وفقا لما أكده المشرف على هذه الوحدة التي انشئت سنة 2005 ، والتي وجدت فيها طيور النعام بيئة ملائمة للتكاثر والتوالد.
وتبدو هذه الفصيلة من الطيور لزائري الوحدة، بسيقانها الطويلة وأجنحتها العريضة وريشها الناعم الملمس وعيونها البارزة، وهي تمد أعناقها الطويلة، وكأنها تستعرض بخيلاء جمالها وبعضا من أسرارها كطيور ارتبطت دائما بالصحراء وبالرمال، وأثبتت تجربة تربيتها أنها مجزية اقتصاديا ومتعددة المنافع سواء تعلق الامر بلحومها او بيضها او ريشها او جلدها.
ومن أهداف هذه المزرعة لتربية النعام بتاورطة، يقول حميد بلعبال، المشرف على هذه الوحدة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إعادة الاعتبار لهذا الطائر وإعادته إلى موطنه الأصلي بعد غياب امتد لعدة سنوات، وتربيته قصد الاستفادة من لحمه وجلده وريشه، مشيرا إلى أن تربية هذه الفصيلة من الطيور تعد من المشاريع القليلة في الدول العربية بصفة عامة، “لقلة معرفة الانسان العربي بالقيمة الغذائية لطيور النعام”، وذكر بأن أول بداية لتجربة تربية النعام بالمغرب كانت سنة 2002 بتمارة.
واوضح بلعبال أن هناك ثلاثة انواع من طيور النعام وهي”اسود” و”ازرق” و”احمر” الرقبة، وأن النوع الأصلي بهذه الجهة هو “أحمر الرقبة”، بينما النوع الأسهل في التربية والغزير التكاثر هو “اسود الرقبة” وهو النوع المتواجد بوحدة تاورطة.
وأضاف أن عدد البيض في مرحلة التسعة أشهر، خاصة في المنطقة الصحراوية التي تساعد على نجاح مثل هذه المشاريع، يصل الى 40 بيضة، تبلغ نسبة التفريخ والتفقيس 76 في المائة منها.
ومن منتجات طيور النعام، يضيف المشرف على الوحدة، الريش واللحم والبيض وزيت النعام وكذلك البيض الفارغ وقشور البيض والعظام والدم وقرنية عين النعام، مشيرا إلى ما يمتاز به لحم النعام احمر اللون من جودة وقيمة غذائية عالية، بسبب غناه بالفيتامين والبروتين والحديد والكالسيوم وقلة نسب الدهون به .
ويستعمل زيت النعام في علاج امراض الروماتيزم وتصنع منه مراهم لمحاربة تجاعيد الوجه، بينما يوجه جلده، الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد جلد حيوان “الكونغورو” من حيث المتانة، لتصنيع الأحذية الفاخرة وبعض الملابس. وتشير أبحاث علمية إلى أن من يتناولون بيضه لا يصابون بالخرف او “الزهايمر”، وأنه يساعد، إلى جانب ذلك، على نمو خلايا العظام.
وما من شك أن منتجات بهذه القيمة والفوائد الصحية والعائدات الاقتصادية المجزية تحث على ضرورة تثمينها من خلال عصرنة مزارع تربية هذا الطائر وتوجيه استثمارات أوفى لهذا المجال بغرض التحول به نحو سلاسل انتاج ذات قيمة مضافة.