مخطط المغرب الأخضر يساهم في تطوير فلاحة تضامنية لتحسين الدخل و الإنتاج في الوسط القروي
أكد الكاتب العام لوزارة الفلاحة و الصيد البحري السيد محمد الصديقي أن استراتيجية المغرب في مجال التنمية الفلاحية و القروية تتجسد من خلال مخطط المغرب الأخضر ، الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2008 بهدف تطوير الفلاحة التضامنية بشكل يمكن من تحسين دخل و إنتاج صغار الفلاحين مع تأطيرهم على المستوى التقني. و أوضح السيد الصديقي، في كلمة خلال اليوم الأول من الدورة 38 لمجلس محافظي الصندوق الدولي للتنمية الفلاحية، الذي ينعقد يومي الاثنين و الثلاثاء بروما، أن مخطط المغرب الأخضر يولي أهمية كبيرة للتنمية القروية من خلال تنفيذ برامج كفيلة بفك العزلة عن المناطق القروية و الجبال عبر مكافحة الفقر و رفع الدخل الفلاحي بشكل ملموس.
و بعد أن أشار إلى أن الوسط القروي هو نواة كل تنمية مستدامة و كل أمن غذائي، سجل أن هذه المناطق لا يمكن أن تلعب دورها الحقيقي في مجال التنمية دون تأهيل على المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و التقنية و المعدات و دون تمكينها من الأدوات اللازمة لولوج الأسواق.
و ذكر السيد الصديقي، الذي أعرب عن ارتياحه لمستوى الشراكة المتميزة بين المغرب و الصندوق، بأن هذا الأخير دعم المملكة على الدوام لضمان نجاح مخطط المغرب الأخضر و خاصة من خلال تمويل سلسلة جديدة من المشاريع التي تندرج في إطار الدعامة الثانية من المخطط، القائمة على أساس البرمجة و التخطيط التشاركي، وفقا للمقاربة الميدانية و الآليات الفعالة المنصوص عليها في المخطط و التي أثبتت أيضا، فعاليتها في مجال محاربة الفقر في الوسط القروي.
و قال إن الجائزة التي منحتها منظمة الأغذية و الزراعة (الفاو) العام الماضي للمغرب، اعترافا بالتقدم الملحوظ الذي أحرزه في محاربة سوء التغذية كما يشهد على ذلك إتمام إنجاز الهدف الأول من أهداف الألفية للتنمية قبل الموعد، تعد “اعترافا بالدور المركزي للمخطط الأخضر في تحقيق هذا الهدف”.
و أضاف أن مخطط المغرب الأخضر يوجد أيضا في مركز الاهتمام الكبير للبلدان الإفريقية و يشكل نموذجا للتعاون جنوب – جنوب، الذي يوليه المغرب اهتماما خاصا، مبديا ارتياحه لقرار الصندوق الدولي للتنمية الفلاحية فتح مكتب له خلال الأشهر المقبلة بالرباط.
و تميزت الجلسة الافتتاحية للدورة ال 38، التي تنعقد تحت شعار “تحول العالم القروي: مفتاح التنمية المستدامة”، خاصة بكلمة رئيس الصندوق السيد كانايو نوانزي الذي أكد أنه لمحاربة مظاهر عدم المساواة في الدخل و سوء التغذية المزمن لدى الأطفال، و الوقاية من العواقب الوخيمة لذلك، “علينا أن نتصدى للفقر و الحرمان اللذين لا يزالان موجودين في المناطق القروية، حيث يعيش ثلاثة أرباع الفقراء” في العالم.
و دعا، بالمناسبة، إلى تحويل “مجتمعاتنا القروية” حتى تتمكن من “توفير فرص عمل لائقة، و ظروف العيش الكريم”، و حتى “تتمتع بلداننا بنمو متوازن و يتمكن ثلاثة ملايير شخص الذين يعيشون في المناطق القروية من التعبير عن إمكاناتهم”.
و قال “نحن بحاجة لمناطقنا القروية. و سنكون بحاجة لها أكثر كلما نمت مدننا. نحن بحاجة إليها من أجل إنتاج غذائنا، و الحفاظ على النظم الإيكولوجية التي تساهم في نظافة المياه و الهواء. مدننا لا يمكن أن تكون سليمة إن لم تكن مناطقنا القروية كذلك”.
و ذكر السيد نوانزي بأن برنامج التنمية المستدامة لما بعد 2015 ، سيتمحور حول القضاء على الفقر، و يركز على النمو الشامل، و تقليص مظاهر عدم المساواة و تعزيز المقاومة، معربا عن اعتقاده بأنه “بفضل خبرته الواسعة في مجال الحد من الفقر، و الفلاحة المستدامة و النمو الشامل، فإن الصندوق الدولي للتنمية الفلاحية يوجد في وضع جيد للقيام بدور مركزي خلال مرحلة ما بعد 2015”.
و أضاف أن الصندوق سيساهم و يشارك سنة 2015 في عدد من التظاهرات العالمية الهامة، و خاصة إكسبو 2015 بإيطاليا، و مؤتمر تمويل التنمية في أديس أبابا، و قمة الأمم المتحدة التي ستعتمد برنامج التنمية لما بعد 2015 في نيويورك، و مؤتمر الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية في باريس.
و فضلا عن مائدة مستديرة حول “تجاوز الحواجز أمام تحول العالم القروي في إطار أهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015″، فإن جدول أعمال الدورة ال 38، التي تتيح فرصة لمحافظي الصندوق لتبادل الآراء و إثراء الحوار الهادف إلى جعل التحول القروي في مركز تنمية مستدامة و عادلة، يتضمن سلسلة من الندوات و المناقشات.
و وفقا لوثيقة للصندوق، فإن سنة 2015 تشكل فترة حاسمة في مشهد التنمية. و يتيح تحديد أهداف جديدة للتنمية المستدامة إمكانيات إعادة صياغة السياسات و الاستثمارات و الشراكات من أجل تحقيق تنمية شاملة و مستدامة تتمحور حول الأشخاص.
و تظهر المشاورات بشأن برنامج التنمية لما بعد 2015، وفقا للوثيقة، أن هناك رؤية مشتركة تتمثل في عالم يختفي فيه الفقر المدقع، و حيث للجميع الحق في الوصول إلى غذاء كاف، و حيث ستكون وظائف لائقة متاحة للجميع (خاصة بالنسبة للأفواج الكبيرة من الشباب الذين يصلون إلى سوق العمل، ولاسيما في البلدان النامية)، و حيث ستتم المحافظة على الموارد الطبيعية و تجديدها.
و بينما تشير التقديرات إلى أنه بحلول سنة 2050، سيعيش نحو 70 في المائة من سكان العالم في المناطق الحضرية، فإنه “من المهم الاعتراف بأن المدن و القرى لا يمكنها البقاء دون بعضها البعض”، حسب الصندوق الذي يعتبر أن “الترابط بين المدن و القرى يتنامى و يتضاعف، إذ يدعم النمو القروي (و خصوصا في الأنظمة الغذائية) استدامة المناطق الحضرية، في حين يفتح النمو الحضري آفاق لرفع الدخل بالنسبة للمناطق القروية”.
و على الصعيد العالمي، تلاحظ وثيقة الصندوق، فإن 75 بالمائة من السكان الذين يعانون من الفقر و الجوع يعيشون في المناطق القروية في البلدان النامية، و يعيش معظم هؤلاء على الزراعة.
و أشارت الوثيقة إلى أنه “من أجل تحقيق تنمية مستدامة و القضاء على الفقر و الجوع، يرى الصندوق أنه سيكون من الضروري إعطاء الأولوية للوسط القروي و تقليص مظاهر عدم المساواة بين المدن و القرى”.
و قد عرف اليوم الأول من الدورة ال38 لمجلس محافظي الصندوق الدولي للتنمية الفلاحية قبول أعضاء جدد في الصندوق هم ولايات ميكرونيزيا المتحدة و جمهورية بالاوس و مونتينيغرو.
و قال رئيس الصندوق إن “انضمام ميكرونيزيا و بالاوس يرفع إلى خمسة عدد بلدان المحيط الهادي التي رغبت في أن تصبح أعضاء في الصندوق منذ 2013، مما يدل على التزامنا إلى جانب الدول الصغيرة الجزرية النامية في مواجهة التغير المناخي”.