مشاركة النحالين المحترفين في الملتقى الفلاحي الدولي بين الواقع والمأمول

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

مشاركة النحالين المحترفين في الملتقى الفلاحي الدولي بين الواقع والمأمول

بقلم: الحسـن بنبل رئيس النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب

أسدل الستار يوم السبت 03 ماي 2014 على فعاليات الملتقى الفلاحي الدولي، في نسخته التاسعة الذي احتضنته مدينة مكناس على غرار الدورات السابقة، وكان شعار هذه الدورة “المنتجات المحلية”. سيلاحظ أي زائر للمعرض في هذه الدورة، تغيرا ملحوظا عن سابقاتها، من حيث توسيع الفضاء المخصص للعرض، والزيادة كذلك في عدد العارضين. ورغم استمرار الازدواجية في التعامل، إلا أن هناك تقدما لا بأس به من ناحية تدبير عملية تدفق الزوار، ولو أن أغلبهم يضطرون إلى قطع العديد من الكيلومترات مشيا على الأقدام للدخول إلى فضاء المعرض، ناهيك عن معاناة أصحاب الدعوات. كما تميزت هذه الدورة كذلك بمضاعفة مدتها الزمنية لتصل إلى عشرة أيام بدل خمسة خلال الدورات السابقة.

لقد نظمنا، مثلنا مثل باقي الزوار العاديين، وبصفتنا ممثلي النقابة المهنية لمربي النحل بالمغرب، يوم الأربعاء 30 أبريل 2014 زيارة خاصة لهذا الملتقى بهدف الاطلاع على آخر مستجدات القطاع والاستماع عن قرب لمشاكل النحال المغربي المشارك في هذه التظاهرة ، والوقوف على معاناته. مع العلم أن نقابتنا قامت في اليوم الأول من افتتاح الملتقى بحملة توزيع ملصقات، وبطاقات، ومنشورات توعوية، منها الموجهة للفلاح، من أجل توعيته بمدى أهمية النحل في تحسين إنتاجية أشجاره المثمرة، وحثه على عدم استعمال المبيدات التي تقتل النحل، و أخرى موجهة للمستهلك لتحسيسه بأهمية النحل في حياة الإنسان وأهمية العسل غذاء وشفاء وفوائد بشكل عام.

وبصورة ملفتة للنظر، سيلاحظ الزائر العادي لهذه الدورة، مشاركة مكثفة للتعاونيات والجمعيات المتخصصة في مجال تربية النحل وإنتاج العسل، حضرَتْ من جميع جهات المملكة (16 جهة)، وهذه الجمعيات والتعاونيات جلها إن لم نقل كلها استفادت من المشاريع الممولة من طرف الدولة، حيث وفرت لهم وزارة الفلاحة جميع الإمكانيات للمشاركة في هذه التظاهرة، مثل مجانية الأروقة، والنقل، والمبيت، والأكل..، وقد سجلنا تواجد أكثر من تعاونية في رواق واحد بشكل متناقض، مما أثار استياء العديد منها.

في المقابل، سجلنا غيابا شبه تام للمهنيين من محترفي تربية النحل بالمغرب وليست هذه هي المرة الأولى التي يغيبون فيها عن هذه التظاهرة، فهذا هو حالهم منذ انطلاق الملتقى الدولي في أبريل 2006 إلى يومنا هذا، وذلك راجع لعدة أسباب يطول ذكرها في هذا المقام. وحتى في هذه الدورة، فإن المشاركين منهم يمكن عدهم على رؤوس الأصابع.

في حين أننا صادفنا مشاركة بعض المتطفلين على المهنة وهم مواظبون دائما على المشاركة، ومصرون على التحدث باسم المهنيين، بل عـُينوا أوصياء عليهم وعلى قطاعهم، يحظون بكل الامتيازات، مستفيدين من كل أشكال الدعم المخصص لقطاع تربية النحل، وتجدهم دائما في المقدمة، ويحرصون كل الحرص على تمثيل المهنة والمهنيين، حرص الذئب على رعي الغنم.

لا ننكر أن المهنيين من محترفي تربية النحل بالمغرب رغم غيابهم عن هذه الدورة كباقي الدورات السابقة، قد استفاد بعضهم منها بطريقة غير مباشرة، وذلك لكون الكثير من منتجات خلايا النحل المعروضة بالملتقى بأثمنة خيالية هي في الحقيقة مواد معظمها تم اقتناؤها من النحال المحترف، كما تجد عسل الدغموس الذي يـُنتج فقط بالمناطق الجنوبية مثلا، يباع من طرف تعاونيات تنتمي إلى أقصى الشمال ، ولا أظن أن كل تلك التعاونيات، التي تعرض عسل الدغموس أو غيره من العسل المتميز  بخصوصية معينة، تملك إمكانيات الترحال بنحلها لمسافات قد تصل الألف كيلومتر، لبلوغ أماكن تواجد تلك النبتة. وقد كان الأجدر بهذه التعاونيات أن تعرض منتجاتها المحلية التي تزخر بها مناطقها، لا أن نجد مثلا عسل الزكوم الذي يـُنتج بمناطق بني ملال، يباع في المعرض على أنه دغموس……

والطامة الكبرى هي أن العسل المستورد يباع على أساس أنه منتوج محلي، كما ضبطنا عرض منتوجات مشبوهة ومجهولة المصدر والهوية، مثل “العكبر” الذي يباع على شكل مسحوق، و”غذاء ملكات النحل” يباع هو كذلك على شكل مسحوق !.

غالبا ما يدفع المواطن المغربي مبلغا ما بين 300 د رهم و600 درهم ، لشراء كيلو غرام واحد من عسل الدغموس مثلا، أو 60 درهما  لشراء 50 جرام من العكبر أو 45 درهما ثمن 10 غرامات من غذاء ملكات النحل…..، على أساس أنها مواد نقية، من المؤكد أنه سيستعملها في إحدى الخلطات الطبية للتداوي من أمراض مستعصية، خاصة وأن هذه المواد تحظى هذه الأيام بدعاية وترويج إعلامي مستمر من قبل الإعلام المسموع والمرئي، وبالأخص الفضائيات، الشيء الذي أدى إلى تزايد الطلب على مثل هذه المواد، مما جعل بعض منعدمي الضمير يستغلون فرصة غياب المراقبة، لبيع منتوجاتهم المزورة والمغشوشة، بل بلغ بهم الأمر إلى عرضها بالملتقى الدولي للفلاحة، الذي أصبح سوقا مناسبا، غير خاضع هو بدوره للمراقبة.

فإذا كانت الحيوانات الموجودة بالملتقى لا يمكن عرضها إلا بعد إخضاعها للكشف الطبي والتحليل المخبري اللذين يثبتان خلوها من كل الأمراض، و أنها لا تشكل أي خطر على سلامة الزوار، فمن الواجب كذلك مراقبة كل المنتوجات الاستهلاكية التي يتم عرضها للبيع، بما فيها العسل وباقي منتجات خلايا النحل، والعمل مستقبلا على الحد من مثل هذه التصرفات التي تسيء لسمعة النحال، وتمس بمصداقية التعاونيات التي تشتغل في هذا المجال.

DSC_0390 DSC_0319

 

‫0 تعليق

اترك تعليقاً