أكد المشاركون في ندوة دولية حول موضوع “النباتات كمصدر لإنتاج الأدوية و مستحضرات التجميل”، أمس الثلاثاء بمراكش، أن تثمين التراث الوطني في مجال النباتات العطرية و الطبية يشكل فرصة حقيقية لتحقيق التنمية المستدامة بالمغرب.
و أضافوا خلال هذا اللقاء، المنظم من قبل المنظمة الدولية للعلوم الكيميائية في التنمية على مدى أربعة أيام، أن ميدان النباتات الطبية و العطرية يساهم في تحسين ظروف عيش الساكنة القروية على وجه الخصوص، حيث يوفر ما معدله 500 ألف يوم عمل في السنة ويتيح دخلا إضافيا للساكنة المحلية.
و بهذه المناسبة، أبرزت الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي و البحث العلمي و تكوين الأطر السيدة سمية بن خلدون أن هذا المجال يضطلع بدور اقتصادي كبير حيث إن سوق النباتات الطبية و العطرية حقق على المستوى العالمي رقم معاملات تجاوز 26 مليار دولار.
و أضافت السيدة بن خلدون أن السلطات العمومية المغربية تولي أهمية كبيرة لتنمية هذا الميدان، و خاصة من خلال تطوير البحث العلمي.
و أشارت، في هذا الإطار، إلى أن المغرب شرع في إحداث أزيد من 100 مركز للبحث يشغل حوالي 400 باحث يؤطرون أزيد من 600 طالب.
من جهة أخرى، أبرزت الوزيرة أن المغرب أحدث الوكالة الوطنية للبحث و الابتكار في مجال النباتات العطرية و الطبية بهدف إعطاء نفس جديد للبحث العلمي في هذا الميدان.
و أضافت أن هذه المؤسسة ستتولى أيضا مهمة تنسيق أنشطة كافة المتدخلين المعنيين بمجال النباتات العطرية و الطبية و إبرام اتفاقيات بهدف جعل هذا الميدان رافعة حقيقية للتنمية السوسيو- اقتصادية و مضاعفة حجم الصادرات المغربية من النباتات الطبية و العطرية و التي بلغت حاليا 50 مليون دولار، و كذا من أجل الاستجابة للطلب العالمي المتزايد على هذه النباتات.
من جانبه، أبرز رئيس مجموعة العمل على كيمياء النباتات بالمنظمة الدولية للعلوم الكيميائية في التنمية السيد كورت هوستيتمان، أن البحث العلمي في مجال النباتات العطرية و الطبية جد متطور بالمغرب، مبرزا الجهود المبذولة من أجل صيانة و تثمين شجر الأركان الذي يعد تراثا حقيقيا بالنسبة للمغرب.
من جهته، أكد رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط السيد سعيد أمزازي، أن “المزج” بين الكيمياء و مجال النباتات سيساهم في تطوير ميدان النباتات العطرية و الطبية.
و أشار السيد أمزازي إلى أن المنتجات الطبيعية المستخرجة من النباتات تحتل مكانة متميزة في العلاجات الحديثة، مبرزا في هذا الصدد، أن منظمة الصحة العالمية تقدر حاليا نسبة الساكنة العالمية التي تعتمد على النباتات من أجل العلاج بأزيد من 50 في المائة.
و سجل رئيس الجامعة أن مجال النباتات العطرية و الطبية لم يرق بعد إلى المستوى المطلوب حيث إن 3000 نبتة من أصل 500 ألف هي محل تقييم عملي.
كما استعرض مختلف الصعوبات التي تواجه هذا القطاع بالمغرب، من بينها ضعف اعتماد المنتجين على التقنيات الحديثة للإنتاج، و الاستغلال المفرط لبعض النباتات، و كذا النقص المسجل على مستوى استراتيجيات التسويق و تقنيات البيع.
و تعرف هذه التظاهرة العلمية، المقامة بشراكة مع كلية العلوم التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، حضور باحثين من بلدان مختلفة معروفين بانخراطهم في ميدان البحوث الصناعية و العلاجية المرتكزة على النباتات.
و يمثل المشاركين في هذا الندوة الدولية مؤسسات جامعية و هيئات للصحة العمومية و في الميدان الصناعي، إلى جانب باحثين مرموقين على الصعيد العالمي، ضمنهم جون ماري لين الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء، و ممثلي مؤسسات صناعية وطنية و أجنبية مختصة في ميدان مستحضرات التجميل و المواد شبه الطبية.
و يتيح هذا اللقاء فضاء للنقاش و التبادل بين باحثين و علماء و خبراء من مختلف الآفاق، كما يشكل مناسبة لتحيين مختلف الجوانب المرتبطة بالبحث، و خاصة ما يتعلق بعلم الأحياء و الكيمياء و التحليل و علم النباتات الصيدلية.
يشار إلى أن المنظمة الدولية للعلوم الكيميائية في التنمية أحدثت سنة 1981 بباريس من قبل مجموعة من العلماء ينحدرون من 15 بلدا في إطار منظمة اليونسكو، و ذلك بهدف دعم و تشجيع البحث العلمي في مجال الكيمياء داخل البلدان السائرة في طريق النمو.
و تسعى المنظمة من خلال إقامة ندوات و ورشات علمية إلى مد جسور التواصل و الالتقاء بين المختصين في الكيمياء بالبلدان السائرة في طريق النمو و باحثين مرموقين ببلدان مصنعة و متقدمة في مجال البحث حول مواضيع ذات صلة بميادين الصحة و الفلاحة و الصناعة.