و ستزداد هذه الندرة من المياه في المستقبل بفعل التزايد الديموغرافي من جهة، و مخاطر التغيرات المناخية من جهة أخرى. و تجمع معظم الدراسات على أن القطاع الفلاحي يعد من القطاعات التي ستواجه عجزا مائيا كبيرا في المستقبل بحكم ارتفاع الطلب على الغذاء و المنافسة على الموارد المائية و توالي سنوات الجفاف و الاستهلاك المرتفع للمياه الذي يعزى إلى استحواذ تقنيات الري السطحي التقليدي ذات الكفاءة المنخفضةكالري بالربطة السائدة في مناطق الري الكبير.
و على الرغم من إدخال وسائل الري الحديثة كالري بالتنقيط، فإن كفاءتها رهينة بتأهيل الفلاح و مستعملي مياه الري و اللذان يعتبران المستخدمين الرئيسيين لمياه الري في مجالات تدبير المياه على مستوى الحقل و تصميم شبكات الري و صيانتها.
و تكمن أكبر التحديات التي تواجه الفلاحة في رفع مستوى كفاءة الري باعتماد نظم الري المقتصدة في الماء و تحسين تدبير الري على مستوى الضيعة لتوفير موارد مائية يُمكن للمحاصيل أن تستفيد منها.
و لقد أولت السلطات العمومية أهمية بالغة لتوسيع رقعة المساحات المجهزة بتقنيات الري الموضعي عبر سياسة إرادية ترجمها مخطط المغرب الأخضر في البرنامج الوطني للاقتصاد في ماء الري الذي يرمي إلى تحويل ما يناهز 550 ألف هكتار من الأراضي المسقية إلى الري الموضعي في أفق 2020.
و لبلوغ هدف هذا البرنامج، اعتمد مخطط المغرب الأخضر عدة آليات أهمها:
> عصرنة شبكات الري العمومية لجعلها تتلاءم ومتطلبات الري الموضعي؛
> منح مساعدات مالية تتراوح ما بين 80 إلى 100 % منكلفة التجهيز لاعتماد تقنيات الري الموضعي؛
> دعم الإرشاد الزراعي المائي و الرفع من قدرات الأطر و الفلاحين.
و يأتي هذا النص الموجه أساسا إلى الفلاح للرفع من مستواه التقني في مجال استعمال المياه في الري عبر توجيهه نحو أحسن التقنيات و كذا تنبيهه حتى يتفادى بعض الأخطاء الشائعة في تصميم و استخدام و تدبير و صيانة نظام الري الموضعي.
ما هو الري الموضعي؟
1. تعريف الري الموضعي
يعتبر الري الموضعي تقنية تهدف إلى توزيع المياه بالقرب من الجدور، بكميات قليلة و بصفة مركزة و مترددة تمكن من تزويد النباتات بالحاجيات اليومية من المياه.
2. مقارنة الري الموضعي مع التقنيات الأخرى
> ففي حالات تقنيات الري السطحي و تقنيات الري بالرش يتم تزويد النبات بالماء لتلبية حاجياته لمدة طويلة، تتعدى في بعض الأحيان أسبوعا كاملا، بحيث يستفيد النبات فيها بشكل مفرط في الأيام الأولى التي تلي عملية الري مع خصاص في آخر الدورة السقوية ، مما يؤدي إلى ضعف في كمية و جودة المنتوج إضافة إلى ضياع كبير في المياه و الأسمدة.
> أما في حالة الري الموضعي،فإن توزيع المياه يتم حسب الاحتياجات اليومية للنبات بكميات قليلة و مركزة في منطقة الجذور، الشيء الذي يساعد على الحصول على منتوج وافر و ذو جودة عالية و تحسب كفاءة الري على مستوى الحقل من الناحية النظرية كالتالي:
ما هي مزايا الري الموضعي؟
أ – مميزات الري الموضعي :
1-الاقتصاد في استعمال المياه
إن كفاءة الري الموضعي العالية لا تنتج فقط عن التجهيزات و معدات الري الموضعي بل تنتج عن عاملين أساسين:
– العامل الأول راجع إلىكون الماء يصل إلى جذور النبات بأقل تبخر و أقل تسرب إلى أعماق التربة؛
– العامل الثاني راجع إلى كون الماء يوزع حسب حاجات المزروعات اليومية بدلا من تتبع دورة سقوية.
من مميزات الري الموضعي
• لا تروى إلا رقعة محدودة من التربة
• يستعمل بكميات قليلة و بضغط منخفض
• لا يبلل أوراق النبات
• يمكن من توزيع المخصبات مع مياه الري (الري المخصب)
• يمكن من استعمال تقنيات أوتوماتيكية
• تبخر محدود للمياه
• يتلاءم مع :
– جميع انواع التربة
– الزراعات المعتمدة
– حالات المياه المتوفرة
– أشكال القطع الأرضية
• الاقتصاد في استعمال المياه
• تحسين الإنتاج كما و كيفا.
باستعمال الري الموضعي يمكن من الحصول على إنتاجية عالية تبلغ على سبيل المثال ما يلي: الإنتاجية المسجلة في الهكتار على مستوى بعض الضيعات:
2-الاقتصاد في تكاليف الإنتاج
إن طريقة الري الموضعي تمكن من تقليص اليد العاملة خصوصا إذا استعملت الوسائل اللأتوماتيكية، بحيث أن شخصا واحدا يمكنه أن يسير عملية الري؛ كما تمكن أيضا من استعمال بعض المعدات الخاصةكالشرائح البلاستيكية السوداء لمحاربة الأعشاب الطفيلية و الحفاظ على رطوبة التربة و الرفع من درجة حرارتها.
ب – معوقات الري الموضعي :
من أهم معوقات الري الموضعي : ارتفاع كلفة التجهيز و اعتماده على تقنيات متطورة تستلزم من الفلاح اكتساب بعض المهارات، إذ من خلال التجربة يتبين أن أغلبية الفلاحين لا يتخذون الاحتياطات اللازمة لإنجاز المشاريع، إضافة إلى افتقادهم للمهارات الضرورية لتسيير معدات الري الموضعي الذي يستوجب استشارة الخبراء في الميدان.