أكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة للحق في التغذية، السيدة هلال إلفير، اليوم الاثنين بالرباط، أن المغرب يتوفر على ترسانة واسعة من السياسات المصاغة بشكل جيد والمنسجمة مع المعايير الدولية المتعلقة بالحق في التغذية.
و أوضحت المقررة الأممية في ندوة صحفية توجت زيارة العمل التي قامت بها للمغرب من 5 إلى 12 أكتوبر الجاري، أن “المغرب يتوفر، عموما، على مجموعة واسعة من السياسات والاستراتيجيات، تمت صياغتها بشكل جيد ومنسجمة مع المعايير الدولية حول الحق في التغذية”.
و دعت الى تحديد أولويات التنسيق بين الوكالات المعنية، وكذا تطوير استراتيجية وطنية حول الحق في التغذية، وذلك استنادا إلى أهداف واضحة، وجدول زمني محدد سلفا، فضلا عن الموارد المالية والخصوصيات الجهوية ذات الصلة.
و أشارت السيدة إلفير إلى أن المغرب أطلق خلال السنوات الأخيرة سلسلة من الإصلاحات الهامة، لاسيما مع اعتماد دستور جديد في سنة 2011، الذي تضمن مقتضيات ثابتة بشأن حماية حقوق الإنسان، و أرسى دعائم نمو اقتصادي أكثر شمولا، معربة عن أملها في “أن يصبح الحق في التغذية معترفا به بشكل أوضح في النص الدستوري”.
كما دعت المقررة الأممية إلى صياغة قانون-إطار وطني حول الحق في التغذية، و الذي من شأنه، تضيف السيدة إلفير، أن يكمل هذه الإصلاحات و يضمن تنفيذها على الصعيد الوطني، معتبرة، من جهة أخرى، أن المصادقة على البروتوكول الاختياري الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية من شأنها أن تسهم في ضمان الحق في التغذية.
و أشارت إلى أن “مباشرة بعض الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الهامة ساهمت إلى حد كبير في التقدم الذي أحرزه المغرب من حيث تقليص نسبة الفقر المدقع (من 16 إلى 6 في المائة منذ سنة 2010)، و كذا القضاء على الجوع.
و أوضحت المقررة الخاصة أن أوجه هذا التقدم الهام، الذي تم تحقيقه في مجال تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، يعد، إلى حد كبير، ثمرة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، باعتبارها “برنامجا مهيكلا و شاملا”.
و أبدت في هذا الصدد “إعجابها الخاص” بنجاح و دينامية التعاونيات النسائية التي زارتها و التي تستفيد من الدعم الاقتصادي للمبادرة.
و انطلاقا من حقيقة وضع الفلاحة بوصفها العمود الفقري للاقتصاد على اعتبار أنها تساهم بنحو 18 في المائة من الناتج الداخلي الخام و توفر فرص الشغل لنحو 40 في المائة من الساكنة النشيطة، أبرزت السيدة إلفير نجاعة و أهمية مخطط المغرب الأخضر، الذي عزز بشكل قوي هذا القطاع، لاسيما عن طريق إدماجه في الأسواق العالمية.
و قالت المقررة الأممية الخاصة إن “هذا المخطط أعطى نتيجة إيجابية من حيث الفوائد الممكنة في القطاع التعاوني الانتاجي وتحويل و تسويق المنتجات المحلية”، مضيفة أن ”غياب التنسيق، و الإكراهات البيئية يشكلان عائقا في وجه تحقيق تقدم في بعض المناطق”.
و أوضحت المقررة الأممية أنه ينبغي بذل جهود في هذا الاتجاه بما يتيح للمخطط تحقيق إفادة ملموسة للفئات المستهدفة من دعامته الثانية، ولاسيما صغار الفلاحين و المزارعين.
كما اعتبرت أنه يلزم تحسين البنيات التحتية في المناطق النائية قصد ضمان ولوج أفضل إلى الأسواق و جذب الاستثمارات إلى المناطق القروية، مضيفة أن المغرب يتموقع في نظام بيئي هش و ذي تنوع بيولوجي غني.
و أشارت إلى أنه ينبغي إدماج الفلاحة الإيكولوجية ضمن المشاريع المستقبلية كآلية لحماية التنوع البيولوجي و الموارد البيئية، و الحفاظ على العدالة الاجتماعية و تطوير فلاحة قادرة على التخفيف من آثار التغيرات المناخية.
كما تطرقت المقررة الخاصة إلى زيارتها لمدينة الداخلة حيث زارت العديد من المشاريع الفلاحية والمتعلقة بالصيد البحري، علاوة على تعاونية نسوية، موضحة أن صناعة الصيد البحري تعد قطاعا هاما موجها نحو التصدير، و يحترم القوانين الدولية ذات الصلة.
و لاحظت من جهة أخرى أنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات لتطوير البنيات التحتية، و رغم أن الكثير من الأشخاص يستفيدون من المشاريع التي طورتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فإن النمو الاقتصادي “ليس في متناول الجميع”، داعية إلى بذل مجهودات إضافية من أجل ضمان استفادة الجميع من هذه المشاريع بطريقة أكثر عدلا، مع إيلاء اهتمام خاص بالأشخاص في وضعية هشاشة.
و خلال زيارتها للمغرب، أجرت المقررة الأممية مباحثات مع ممثلي العديد من القطاعات الحكومية المعنية، و ممثلي هيئات وطنية تعنى بحماية حقوق الانسان، علاوة على فعاليات تابعة لمنظمات دولية و جامعات و وكالات للتنمية و منظمات المجتمع المدني. كما قامت بزيارات لمشاريع فلاحية وتعاونيات بأكادير وميدلت.
و الجدير بالذكر أن ملاحظات و توصيات المقررة الخاصة للأمم المتحدة للحق في التغذية سيتم تضيمنها في تقريرها النهائي الذي سيقدم أمام مجلس حقوق الإنسان الأممي في مارس 2016.