تهدف سياسة الدولة في مجال الإنتاج الحيواني للرفع من إنتاجية اللحوم و الحليب لتلبية حاجيات البلاد المتزايدة من هذه المواد الأساسية. لكن رغم النتائج المشجعة التي تحققت في هذا المجال توجد عدة معوقات تحول دون الوصول إلى الأهداف المتوخات من بينها التغذية.
يعتبر عامل التغذية من أهم دعائم الإنتاج الحيواني، و يعتبر استخدام الأعلاف الخضراء في علائق الحيوانات المجترة سواء باستخدامها مباشرة أو بعد خزنها عن طريق التجفيف أو السلوجة أمرا على جانب كبير من الأهمية.
تنتمي زراعة الذرة إلى فصيلة النجليات ( Graninées ) و قسم الحبوب الربيعية ( Céréales de printemps ). عرف نوع الذرة تحسنا مستمرا سواء من طرف المزارعين أنفسهم أو عبر عملية تحسين النبات المتواصلة منذ عدة سنين من طرف محطات التجارب عبر العالم. أسفرت العمليات الموجهة من طرف المختصين من استنباط الذرة المهجنة. أما عملية التهجين فهي ناتجة عن خليط بين صنفين. مكنت هذه العملية من الرفع من الإنتاج و الجودة معا، و من الحصول على أنواع تقاوم الأمراض الفطرية و آفات زراعية أخرى. كما مكنت كذلك من تطوير أصناف ذات فترة نمو تمتد من المبكرة جدا إلى المتأخرة جدا.
تزرع الذرة لثلاثة أسباب :
# لحشها لاستعمال كل الكتلة الخضراء لأجل التغذية الحيوانية.
# لجني الحبوب التي يمكن استعمالها للإستهلاك البشري أو كعلف للحيوانات المجترة أو الدجاج. في بعض الأحيان تستعمل الذرة لأغراض صناعية.
# لحفظها عن طريق تقنية الطمر أو السلوجة ( Ensilage ) من أجل استعمالها لاحقا في تغذية الماشية.
1 – مكانة الذرة في الدورة الزراعية.
يمكن للذرة أن تسبق معظم الزراعات في نفس الحقل و يمكن زراعتها من بعد معظم الزراعات، شريطة أن يتم حصادها أو حشها مبكرا للتمكين من القيام بعمليات تهيئة الأرض في ظروف طبيعية. إذ يعتبر البرسيم من أحسن الزراعات التي تسبق الذرة، نظرا لتأثيرها الإيجابي على التربة و لكميات الآزوت التي تتركها في الحقل.
2 – التربة المناسبة لزراعة الذرة.
يمكن زرع الذرة في مختلف أنواع التربة بشرط توفير احتياحاتها من الماء. إلا أنه يجب التذكير أن أعلى المحاصيل و أعلى جودة يمكن الحصول عليها بأقل التكاليف في التربة العميقة ذات تصريف ماء جيد.
3 – متطلبات الذرة من الحرارة.
تعرف زراعة الذرة باحتياجاتها العالية من الحرارة لتمكينها من الإنبات، لا يجب أن تقل عن 10 دراجات مئوية. يمكن تسجيل هذا المستوى من الحرارة خلال الفترة الفاصلة بين شهر فبراير في المناطق الساحلية و شهر أبريل في السهول العليا و المناطق الجبلية مع بعض الإختلافات من سنة إلى أخرى و من بيئة إلى أخرى. فدرجات الحرارة المنخفضة تسبب في إتلاف نبتات الذرة حديثة النمو. لأجل هذا لا يجب زرعها قبل وصول درجات الحرارة إلى 10 درجات مئوية، و تفادي زرعها في المناطق التي يمكن أن تتعرض لإنخفاض مفاجئ للحرارة بعد الإنبات.
تظهر زراعة الذرة أكبر قدر من النمو عندما تكون درجات الحرارة ما بين 25 و 30 درجة مئوية. و تؤثر درجات الحرارة المرتفعة خلال النهار سلبيا على عملية تلقيح الذرة، خصوصا إذا تعدت مستوى 30 درجة مئوية. كما تؤثر سلبيا على معدل نمو الذرة إذا تعدى مستواها 18 درجة مئوية خلال الليل، و ذلك بارتفاع مستوى تنفس الذرة الذي يسبب في ضياع للطاقة.
4 – انتقاء البذور.
لازال معظم المزارعين يعتمدون على البذور التي ينتجونها بمزرعتهم أو تلك التي أنتجت بالمزارع القريبة منهم. كما أن آخرين يشترون احتياجاتهم من الأسواق المحلية. و قليلون هم المزارعون الذين يقتنون بذورا محسنة. و تعتبر هذه المسألة من أهم الأسباب الكامنة وراء ضعف نسبة الإنبات و التي تؤدي بذورها إلى ضعف كثافة زراعة الذرة و ضعف الإنتاج النهائي. لهذا نقترح استعمال البذور المحسنة أو على الأقل تلك التي تتم معالجتها ضد الأمراض.
5 – خدمة الأرض و تهيئ فراش البذور.
تهذف الحراثة العميقة إلى شق التربة لتفادي تصلبها و تمكين جذور الذرة من النمو لاستعمال الماء و المواد المعدنية الموجودة في العمق. كما تهدف كذلك:
# إلى دفن بذور الأعشاب المضرة للتقليل من نسبة إنباتها خلال الموسم.
# دفن بقايا الزراعة السابقة لتسهيل عملية تحويلها إلى مواد عضوية تستفيد منها زراعة الذرة.
# للتمكين من خزن كمية أكبر من مياه الأمطار الخريفية و الشتوية للإستفادة منها خلال موسم نمو الذرة.
تكتسب عملية تحضير الأرض و تهيئ فراش البذور أهمية كبيرة نظرا لتأثيرها الكبير على نسبة الإنبات و سرعته من جهة و على مستوى نمو و تطور الجذور من جهة أخرى. و لتحقيق هذه الأهذاف يجب :
# العمل على تهيئ جيد لفراش البذور مع الاحتياط من عدم تفتيت مبالغ فيه للتربة خصوصا بالنسبة للتربة المعرضة أكثر لعملية انجراف التربة، أي تلك التي يتم تخريبها تحت تأثير المطر و تسفر عن تشكل غشاوة أو قشرة رقيقة سطحية، تكون متصلة و متماسكة. للتقليل من هذه الظاهرة، يجب الإبقاء على طوب صغير الحجم فوق سطح التربة، لأن هذا يحمي التربة و يساعد على الإنبات.
# أن تكون التربة مشبعة بالهواء، و متماسكة شيئا ما في نفس الوقت.
# تفادي تكتل التربة في العمق حتى لا يؤثر هذا سلبيا على نمو الجذور، نظرا لأن جذور الذرة تصل عادة إلى عمق يقرب من متر واحد، و في بعض الأحيان إلى أكثر من مترين و نصف، مما يمكنها من استغلال جيد للماء و الأملاح المعدنية.
أما بالنسبة لتوقيت هذه العملية فإنه من الصعب إعطاء توقيت محدد لكل منطقة و لكل حالة لقلة الأبحاث الميدانية فيما يخص هذا الموضوع. لكن يمكن الأخذ بعين الإعتبار بعض العوامل مثل نسبة تفاعل التربة مع كمية الأمطار خلال فصل الشتاء و نوعية الزراعة التي سبقت الذرة في الدورة الزراعية.
في كل الحالات، نقترح قلب التربة خلال فصل الصيف مباشرة بعد حصاد الحبوب، قلع الشمندر أو جني الخضروات مع إعادة العملية خلال شهر يناير في معظم المناطق، سوى منطقة الغرب و التي يجب تأخير عملية القلب الثانية فيها إلى غاية نهاية شهر فبراير و بداية مارس نظرا لنوعية التربة التي تجعل تصريف مياه الأمطار يأخذ وقتا أطول.
ننصح في معظم الحالات القيام بحرث عميق بواسطة الشيزل، حرث سطحي بواسطة الروتفطور إذا كان متوفرا أو الكادية أو ما يسمى الكوفير كروب، مع العمل على توطئة التربة.
6 – نوعية الأصناف الممكن استعمالها.
لإختيار نوعية صنف الذرة، يجب الأخذ بعين الإعتبار درجات الحرارة خلال بداية الموسم، و نوعية التربة، وكذلك الهدف المطلوب من المنتوج :
* يعتبر التبكير، أي كمية الحرارة الضرورية لنضج حبوب الذرة من أهم الخصائص الواجب مراعاتها. نقترح استعمال :
# أصناف متأخرة، أي تلك التي لديها دليل التبكير أكبر من 500، بالنسبة لزراعة مبكرة خلال بداية فصل الربيع.
# أصناف نصف متأخرة، أي تلك التي لديها دليل التبكير يقرب 400، بالنسبة لزراعة أواخر فصل الربيع و بداية فصل الصيف.
# أصناف نصف مبكرة، أي تلك التي لديها دليل التبكير يقرب من 300، بالنسبة للزراعة المتأخرة في فصل الصيف.
* يجب كذلك الأخد بعين الإعتبار إنتاجية صنف الذرة لكونه يؤثر في كمية الكتلة الجافة و المحصول النهائي للحب عند الذرة.
* أما بالنسبة للسلوجة، فيجب البحث عن توازن بين محصول الكتلة عند عملية الحش و طور النمو، لكنوهما تؤثران على عملية التخزين و الجودة النهائية.
* و أخيرا يجب مراعاة جوانب أخرى، كنسبة مقاومة الصنف للرقاد سواء الميكانيكي أو الفزيولوجي، نسبة نمو الذرة خلال الفتراة الأولى لدورة النمو، نسبة مقاومتها لبعض الأمراض الفطرية و الحشرات، و مدى إنتاجها باستعمال أقل كمية من الماء.
رغم أن كل أصناف الذرة المهجنة يمكن استعمالها سواء لإنتاج الحب أو السلوجة إلا أن بعضها يصلح أكثر لإنتاج الحب و البعض الآخر يصلح للسلوجة. تعتبر مقاومة الذرة للكسر أو الرقاد و للأمراض من أهم الخصائص الواجب مراعاتها عند اختيار الصنف لأجل السلوجة، نظرا لإستعمال كثافة أعلى بالمقارنة مع الذرة المزروعة لإنتاج الحب.
مكنت عملية التطوير و التهجين من الحصول على أصناف و هجن تتأقلم مع ظروف بيئية و مناخية مختلفة، الشيئ الذي مكن من زراعة الذرة في مختلف مناطق المغرب، و الحصول على إنتاجية مهمة.
نظرا للعدد الكبير من أصناف الذرة المهجنة التي تم تسجيلها، فإننا سنكتفي بتلك التي تم تسجيلها حديثا:
# بالنسبة للأصناف المبكرة ( نسبة التبكير FAO ما بين 200 و 290 )، و التي لها معدل نمو مرتفع خلال بداية الموسم، و نسبة مقاومة للرقاد عالية، و درجة احتمال للتفحم جيدة إلى عالية، و نسبة مقاومتها للفزريوز و الهلمنتسبوريوز متوسطة إلى عالية، نخص بالذكر: فرعون PHARAON ، فالوة VALOI، أفرتي AVERTI، جيمي JIMMI زومبا ZOMBA, سيليكسيا CELEXIA.
تعتبر أليجيت ALIJET و باتز BATZ مبكرتين إلا أننا لا نتوفر على خصائصها الأخرى.
# بالنسبة للأصناف نصف مبكرة ( نسبة التبكير FAO ما بين 300 و 500)، و التي لها معدل نمو مرتفع خلال بداية الموسم، و نسبة مقاومة للرقاد عالية، و درجة احتمال للتفحم جيدة إلى عالية ، و نسبة مقاومتها للفزريوز و الهلمنتسبوريوز متوسطة إلى عالية، نخص بالذكر: أوبتي OPTI, ل،ج. LG23.06 أناستة ANASTA، بينيسيا BENICIA أنجو 360 ANJOU شكال CHAGAL, أنجو 400 ANJOU, ل،ج. LG24.50، باردي PARDI, بولين APOLLENR, PR36Y95 و PR36B08
# بالنسبة للأصناف المتأخرة ( نسبة التبكير FAO ما بين 520 و 660)، و التي لها معدل نمو مرتفع خلال بداية الموسم، و نسبة مقاومتها للرقاد عالية، و درجة احتمال للتفحم جيدة إلى عالية، و نسبة مقاومتها للفزريوز و الهلمنتسبوريوز متوسطة إلى عالية، نذكر منها : برومي PROMI, بونتي BOUNTI, أليبريستي ALIPRESTI, سيسيليا CECILIA, أمور AMOR, بيكاسو PEGASO, هيلين HELEN, كولونيا COLONIA, واد الكبير GUADALQUIVIR, أليفال ALIVAL.
نقترح أن يأخذ المزارع بعين الإعتبار الجوانب التالية قبل اختيار صنف معين من الذرة:
* درجات الحرارة السائدة في منطقته خلال فصول الربيع، الصيف أو الخريف.
* نوعية التربة، عمقها و خصوبتها.
* مدى توفر مياه السقي.