أجمع خبراء من عدد من البلدان المتوسطية اليوم الجمعة بمراكش على أن تراجع وتقلص المناطق الرطبة يؤثر بشكل مأسوي على غنى التنوع البيولوجي في هذه المنطقة، خاصة في ما يتعلق بالفقريات المائية التي يتعرض الكثير منها للانقراض.
وأوضح الخبراء خلال اللقاء الذي عقد في إطار الأيام الدولية السابعة للطيور المائية والمناطق الرطبة المنعقدة تحت شعار “علم البيئة والمحافظة على الفقريات في المناطق الرطبة أنه قد تم الوقوف على هذا المعطى عبر فترات طويلة من الملاحظات بأماكن تجمع هذا النوع من الطيور التي تشكل مؤشرا حيويا على القيمة والحالة الصحية للنظم الايكولوجية للمناطق الرطبة.
وأجمع المتدخلون في هذا اللقاء على أنه تبين من خلال نتائج الأبحاث والملاحظات التي تمتد على سنوات أن ظاهرة تقلص تجمعات الفقريات المائية ناجم أساسا عن الانحطاط الذي تتعرض له الأماكن الطبيعية لتواجدهم مما يؤدي إلى اضطراب دورة إعادة إنتاج هذه الفقريات.
واستعرض جون جالبيرت مدير مرصد “تور دو فالات” (فرنسا) وضعية الفقريات في المناطق الرطبة للحوض المتوسطي، موضحا أن تخريب هذه المناطق يؤثر بصورة مأسوية على التنوع البيولوجي بالقدر الذي يؤثر به كذلك على الساكنة المحلية.
وأكد أنه في ظل اللامبالاة العامة ومن خلال تحليل العديد من المعطيات المرتبطة بالمجموعات الفقرية وفي خضم التقويض التي يشهده التنوع البيولوجي فإن الكثير من الأصناف غير المعروفة معرضة بدورها للانقراض داعيا إلى التأمل في أسباب الميولات العدوانية للساكنة والسعي إلى إيجاد الأجوبة الواضحة من أجل المحافظة على التنوع البيولوجي في المنطقة.
ومن جهته شدد محمد الزناري أستاذ باحث بكلية العلوم بمراكش ومتخصص في الطيور بالمغرب على مناهج تصنيف وترتيب الفقريات المائية وأدوارها باعتبارها مؤشرا حيويا للقيمة وللحالة الصحية للنظم الإيكولوجية للمناطق الرطبة.
واستعرض بالمناسبة التأثيرات السلبية لمختلف الأنشطة البشرية على مجموع الطيور التي يتهدد أصناف كثيرة منها الانقراض حاليا داعيا بدوره إلى اتخاذ إجراءات استعجالية للمحافظة على هذه الطيور على الصعيد الوطني.
وأشار المودن حسن عن مختبر التنوع البيولوجي بكلية العلوم السملالية بمراكش إلى أن هذا اللقاء الدولي يهدف إلى تكاثف جهود المختصين من أجل اقتراح حلول عملية للمحافظة على المناطق الرطبة التي تعيش بها العدبد من الفقريات المائية خاصة منها طيور الماء والبرمائيات.
وقال أن عدد البرمايات المفقودة على الصعيد العالمي قد بلغ 30 في المائة خلال فترة زمنية قصيرة ويمكن لهذه الظاهرة المأسوية أن تستمر في عدد من مواقع المنطقة المتوسطية في ظل اللامبالاة وفي غياب دراسات محدد حول تجمعات هذه الأصناف من الطيور في المناطق الرطبة.
وأوضح المودن أن تهالك المناطق الرطبة يجد تفسيره بالضرورة في اضطراب دورة إعادة إنتاج هذه الأنواع، مبرزا أن المناطق الرطبة بالمغرب وتنوعها البيولوجي متأثرة بشكل خاص بندرة المياه.
وأضاف في هذا الصدد أن سبب هذه الوضعية يعود بالأساس إلى ارتفاع حرارة المناخ وإلى الاستغلال المفرط للمياه خاصة في هذه المناطق، وذلك لأسباب زراعية مشيرا إلى تأثيرات ذلك أيضا على وضعية الأسماك في المياه العذبة والتي تعرف بدورها حالة انحدار.
ويهدف هذا اللقاء الذي نظمته مجموعة البحث من أجل المحافظة على الطيور بالمغرب بتعاون مع مختبر التنوع والديناميك للنظم الإيكولوجية تقديم أرضية للنقاش بين الباحثين والطلبة والمسيرين وأصحاب القرار وصياغة حصيلة محينة لحالة المحافظة على المناطق الرطبة وتواجد الفقريات المائية بها.
كما يروم اللقاء إلى تعزيز المناقشات وتبادل الخبرات والمعلومات بين الباحثين والفاعلين في الميدان .