يعيش المغرب ما أسمته بعض وسائل الإعلام “أزمة القمح الغير مسبوقة ” والمتمثلة في هزالة مخزونه من هذه المادة الحيوية ، و صعوبة إيجاد مصادر لاستيراد حاجياته منها، ووصل القلق الذي تسبب فيه هذا الوضع إلى مخابز المغرب حسب بعض المصادر منها جريدة المساء ليوم 06/09/2012 . قد يعتبر البعض عن جهل أو عن قصد أن هذه الأزمة هي قدر محتوم وحدث معزول ، ولكنها في ال
حقيقة تجد جذورها في
الاختيارات اللا ديمقراطية التي فرضتها الدولة والسياسة الفلاحية اللا وطنية التي انتهجتها، وهمشت من جملة ما همشت تاريخيا الإنسان القروي والفلاحة المعاشية وضمنها إنتاج القمح(1) ، لفائدة المنتوجات الفلاحية المعدة للتصدير من أجل الربح السريع والسهل . فماهي معالم السياسة الفلاحية التي انتهجتها الدولة مند (الاستقلال) ، ضدا على توجهات الحركة الوطنبة ، والتي عشنا ونعيش انعكاساتها وأزماتها ؟ ـ قبل الدخول في الموضوع أبدأ أولا بتحديد التحدي الحقيقي المنتصب أمام دول العالم الثالث ومنها المغرب ، في مواجهة المنافسة والإنتاجية العالية لدول الشمال ، ومحاولة انفتاحها العدواني أحيانا على بلداننا كأسواق فقط . وجه الباحث والمنظر المصري الدكتور سمير أمين في سبتمبر 2003 مذكرة شاملة(2) إلى هيآت المجتمع المدني التي تابعت المناقشات داخل منظمة التجارة العالمية ، وكذا مندوبي دول الجنوب إلى هذه المنظمة ، المشاركين في النقاشات المتعلقة بالزراعة ، يقول فيها ما مضمونه أن ما يهم دول الشمال والمنظمة المذكورة هو بحث سبل فتح أسواق الجنوب أمام صادرات الشمال الزراعية فقط ، دون استحضار عواقب ذلك و التحديات الحقيقية التي تواجه دول الجنوب ، فالزراعة الرأسمالية التي تخضع لمبدأ ربحية رأس المال، والتي توجد في أمريكا الشمالية ،وأوروبا ، والمخروط الجنوبي لأمريكا اللاتينية ، وأستراليا والتي لا تشمل إلا بعض عشرات الملايين من الزراعيين الذين يحتكرون تقريبا استعمال الآلات الفلاحية الهيدروكهربائية والتقنيات العصرية ، وينتجون فائضا كبيرا عن احتياجات بلدانهم ، بحيث أن المساحة الراجعة لكل منهم تتراوح إنتاجيتها بين عشرة آلاف وعشرين ألف قنطار مكافئ من الحبوب للفرد في العام (3) ، ويستطيع مزارعوها ( الزراعة الرأسمالية ) بالإضافة إلى حوالي عشرين مليون من المزارع في حالة حصولها على الدعم اللازم ، إنتاج ما يكفي لسد احتياجات جميع سكان المدن عبر العالم التي يحصلون عليها حاليا من من إنتاج الأرياف في بلدانهم