السنة الأمازيغية 2965 ” التقويم الفلاّحي “
الحديث عن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية2965، تقليد راسخ ليس في الثقافة الشعبية المغربية فحسب ، لكن في ثقافات شعوب شمال أفريقيا من ليبيا إلى الجزائر و من تونس الى موريطانيا. حيث يشكل هذا الاحتفال مناسبة لممارسة طقوس و تقاليد موروثة وعادات راسخة تعكس تشبثهم بتراثهم الغني، كما أن شهر “يناير” يعتبر مناسبة تؤرخ للمرور إلى العام الجديد بالنسبة للأمازيغ، الذي يصادف 13 يناير من كل سنة، و فرصة للتلاقي بين الأقارب و الأصدقاء في جو احتفالي شعبي.
و بخلاف التقويمين الميلادي و الهجري، فإن التقويم الأمازيغي ليس مرتبطا بأي حدث ديني أو تعبدي، بل مرتبط بحدث تاريخي. و يعرف ايضا بـ التقويم الفلاّحي أصله من بقايا التواجد الروماني، و ابتكر من أجل تنظيم الأعمال الزراعية الموسمية، فهو تقويم زراعي مبني على النظام الشمسي.
فبالنسبة للأمازيغ هو تقليد مرتبط بالطبيعة و بالموسم الفلاحي، حيث تشير الطقوس إلى مدى ارتباط الإنسان الأمازيغي القديم بأرضه و التماس أسباب الخير ومدى السعادة التي لا تكون بالنسبة للإنسان الأمازيغي إلا بوفرة المحاصيل، فبداية العام تشكل نهاية للمؤونة الماضية أو العولة و بداية التحضير للمحصول القادم. تاريخيا يعد التقويم الأمازيغي من بين أقدم التقويمات التي استعملها البشر على مر العصور، إذ استعمله الأمازيغ منذ أن اكتشف الزراعة و مارسها و الذي رافقه اهتمام بالظواهر الطبيعية و الفلكية و ما تخلفه من تأثيرات على الأرض فللتقويم الزراعي الأمازيغي دقة واضحة تساعد المزارعين على التخطيط لعملهم السنوي وتطويع النباتات وفقا للطبيعة حيث يقف المزارعون بشكل دقيق على الدورات المناخية و تحديد ضوابطها لصالح أعمالهم: يعتبر 14 جانفي أول يوم في السنة الأمازيغية وهو التاريخ الذي يفصل بين زمنين طبيعيين ، زمن البرد و الاعتدال الذي يصادف عادة بداية تجديد الطبيعة لدورتها الحياتية أو ما يعرف بخروج الليالي البيض و دخول الليالي السود حيث خلال الليالي البيض لا تكون التربة صالحة للزراعة و مع دخول الليالي السود تصبح التربة صالحة للبذر ، لهذا يبدأ الناس في تهيئة الحقول و مباشرة الأعمال الفلاحية.. و لكن ظل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية احتفالا فلاحيا موسميا وحدثا تقليديا مرتبط أساسا بالأرض ولم يرتقي الى مرحلة التأريخ بشكل رسمي الا في سنة 950 ق.م عند هزم الأمازيغ للمصريين القدامى واعتلاء زعيمهم شيشنق الأول العرش الفرعوني زمن رمسيس الثاني، و حسب الأسطورة فإن تلك المعركة جدت في تلمسان المدينة الجزائرية الحالية, غير أن معظم الباحثين يرجح أن شيشنق وصل الكرسي بشكل سلمي في ظروف مضطربة في مصر القديمة حيث سعى الفراعنة القدماء إلى الاستعانة به ضد الاضطرابات بعد جراء تنامي سلطة العرافين الطيبيين.
يتم خلال هذا اليوم الاحتفالي ممارسة مجموعة من التقاليد و الطقوس ذات خصوصيات ، منها تناول أنواع من الحلويات و الفطائر و المأكولات، فضلا عن إعداد “أفنوزن”، أي الكسكس الامازيغي الذي يحتوي على سبعة أنواع من الخضر، و من بين العادات المرتبطة بهذا النوع من الطعام أن يتم إخفاء نواة تمرة حبة من اللوز و من وجدها أثناء الاكل يحالفه الحظ طوال السنة.
هناء حسين