مخطط المغرب الأخضر

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

شكلت الفلاحة مند أمد بعيد قطب الاقتصاد المغربي، و رافعة أساسية في التنمية الاجتماعية وبعد الاستقلال شهد  القطاع  الفلاحي العديد من الإصلاحات الهيكلية لتمكين البلد من ضمان الأمن الغدائي والمساهمة في النمو، لكن رغم ذلك مازالت فلاحتنا تعاني من عدة مشاكل . وهذا ما خلصت إليه الدراسة المستقبلية حول الفلاحة إلى حدود 2030  التي قامت بها المفوضية السامية للتخطيط و التي أكدت على أن عوامل مثل النمو الديموغرافي المتزايد و الجفاف و العولمة إضافة إلى غياب آليات الحكامة  الجيدة و التدبير العقلاني و غياب رأسمال بشري مؤهل، لعبت دورا أساسيا في تكريس تأخر الفلاحة.

إن هاجس الأمن الغدائي أضحى يقض مضجع سائر دول المعمور بما فيها المغرب ، كما أن ارتفاع أسعار المنتجات الفلاحية و استهداف محاربة الفقر دفعا الدولة المغربية الى التفكير في إعادة النظر في إستراتيجيتها الفلاحية .  و من هذا المنطلق اعلن جلالة الملك محمد السادس عن مشروع ” مخطط المغرب الأخضر” و هي خطة تروم جعل الفلاحة المحرك الرئيسي لنمو الاقتصاد الوطني 15 سنة القادمة و ذلك بالرفع من الناتج الداخلي الخام و خلق فرص للشغل و محاربة الفقر و تطوير الصادرات.

السياق الدولي

اكد تقرير البنك العالمي لسنة 2008 على اهمية  دور الفلاحة في محاربة الفقر وألح على اتخاذ تدابير إجرائية لجعلها في خدمة التنمية المستدامة. وقد شهدت الاشهر الاولى من سنة 2008 ارتفاع اسعار المنتجات الغذائية والزراعية الناتجة عن ارتفاع اسعار المنتجات الغذائية والزراعية بسبب:

– تزايد الطلب على الوقود الحيوي  لتعويض البترول الذي ارتفع سعره في الاسواق العالمية

– الحاجيات الغذائية المتزايدة الناتجة ارتفاع النمو الديمغرافي.

– الاقبال المتزايد على المواد الحيوانية و الزيتية نتيجة تحسن مستوى العيش في الدول النامية الجديدة كالهند والصين والبرازيل.

وتشير التوقعات ان ارتفاع اثمان المواد الفلاحية سيستمر في 15 سنة القادمة، كما ان احتمال خطر الخصاص في المواد الغذائية يبقى واردا إن على المستوى العالمي او الجهوي.

كما ان منظمة التجارة العالمية تعمل على تحرير التجارة وستكون سنة 2013 نهاية لتحديد قواعد التجارة والمبادئ الجديدة للسياسة الفلاحية.

– الازمة المالية العالمية:  شهدت الاسواق المالية  الكبرى انخفاضا في مؤشرات اسهمها مع بداية شهري شتنبر وأكتوبر 2008 مما سبب عدم الثقة بين المستثمرين والمدخرين،واثر سلبا على معدل النمو في الاقتصادات الكبرى بما فيها الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا. هذا الركود كان له تأثير قوي على اقتصاديات البلدان النامية والتي تربطها علاقات تجارية مع هذه دول كالمغرب الذي يصدر أغلبية  منتوجاته  الفلاحية  إلى اوروبا.

السياق الداخلي

إن استراتجية مخطط “المغرب الأخضر” تخص قطاعا يساهم : ب 19 في المائة من الناتج الداخلي الخام منها  15 في المائة في الفلاحة و4 في المائة في الصناعة الفلاحية، هذا القطاع يشغل 4 مليون قروي، ويوفر حوالي 100 ألف منصب شغل في قطاع الصناعات الغذائية. و يلعب دورا في التوازنات الماكرو- إقتصادية للبلاد ويتحمل ثقلا اجتماعيا مهما بحيث يستوعب أكثر من في المائة من مجموع القوى العاملة في المغرب أي حوالي 14 مليون نسمة، مما يدل على الدور الكبير التي تلعبه الفلاحة في التوازنات الاجتماعية والاقتصادية

كما يتحمل مسؤولية توفير الأمن الغدائي ل30 مليون نسمة .

ورغم موقعه الاستراتيجي  فإن القطاع يعاني من عدة عراقيل من بينها:

  ضعف استعمال وسائل الإنتاج، على سبيل المثال استعمال الأسمدة مقارنة مع دول أخرى يبقى في حدود ضعيفة،  4 مرات أقل إذا قارناه مع فرنسا. وكذلك ضعف نسبة المكننة، 11 مرة أقل إذا قارناه مع إسبانيا. ضعف مساهمة الأبناك في تمويل المشاريع الفلاحية بحيث لا تتعدى نسبة الفلاحين المستفيدين من القروض البنكية 18 في المائة، ضعف دعم الفلاحة المغربية مقارنة مع مجموعة من الدول، حيث تمثل 8 في المائة من مداخيل الفلاحين بينما تتجاوز 30 في المائة لتصل إلى أكثر من 70 في المائة بمجموعة من الدول .

 ضعف نسيج الصناعات الفلاحية حيث لا يمثل إلا 24 في المائة من مجموع الوحدات الصناعية بالمغرب و33 في المائة من إنتاج الصناعات التحويلية. المغرب لا يستفيد سوى من نسبة تتراوح ما بين  60 و28 في المائة على التوالي من الحصص الجمركية المتاحة بالنسبة للمنتوجات الطرية والمنتوجات المحولة.

ضعف  التنظيم:

  يتميز القطاع بتنظيم جد ضعيف مع غياب شبه تام للتنظيمات “البين مهنية”، التي تجمع المنتج والمصنع والمسوق.

ضعف التأطير:

تعاني الفلاحة الوطنية من تدبير تقليدي للاستغلاليات  مع  اعتماد أنظمة للتأطير غير ملائمة

محدودية الموارد المائية: 

يعتبر الجفاف من أهم الاكراهات الطبيعية التي تواجه الفلاحة، حيث تعاني من تأثيرات المناخ وضعف التساقطات وتفاوت مقاديرها من سنة لأخرى، علاوة على الإفراط في استغلال المياه السطحية والجوفية وضعف تثمينها، كما يؤدي زحف التصحر واتساع المجال الجبلي إلى ضيق المساحات الصالحة للزراعة التي لا تتعدى 13 في المائة من مجموع الأراضي، بالإضافة إلى قلة الكلأ والعشب في الأراضي الرعوية.

تجزيء العقار:

يتميز العقار الفلاحي بالتجزيء المفرط مع ضعف نسبة التسجيل والتحفيظ،، حيث أن 70 في المائة من الاستغلاليات الفلاحية مساحتها أقل من هكتارين، مما يمنع أي إمكانية لضخ استثمارات في هذه الاستغلاليات، وأي محاولة للمكننة والعصرنة، وتحصر بالتالي عمل أغلب الفلاحين في زراعات معاشية كزراعة الحبوب التي لا تكاد تغطي حتى الحاجيات الأساسية، خاصة عندما يتعلق الأمر بموسم جاف.

هيمنة الحبوب على المناوبة الزراعية

زراعة الحبوب التي تهيمن على مجموع المساحات الفلاحية بالمغرب بنسبة  75 في المائة و لا تساهم إلا ب 10 إلى 15 في المائة من رقم المعاملات الفلاحية، و5 إلى 10 في المائة من مناصب الشغل في القطاع الفلاحي.

مقابل هذه الإكراهات، فالقطاع الفلاحي له مؤهلات متعددة من أهمها:

 الموقع الاستراتيجي للمغرب ، والقرب المباشر للسوق الأوروبية مع إمكانيات لوجستيكية  في تطور مستمر.

 التوفر على سوق وطنية مهمة يتم إغفالها، مع العلم أنها تشكل منافذ مهمة لفلاحتنا بفضل نمو ديموغرافي سريع وارتفاع مستويات العيش.

 التوفر على امتيازات تنافسية وتفاضلية في بعض المنتجات كالفواكه والخضر.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً